هل بالفن وحده تتقدم الشعوب؟ وهل الفنان وحده قدوة جيل 2022؟
تقديم قدوة جيل2022
إن أغرب ما نعيشه في عصرنا اليوم هو اكتساح الفنان وحده لشاشاتنا، وسيطرته على إعلامنا، مغنيا، ممثلا، راقصا…فهو الذي يستضاف في برامج خاصة، وهو الذي ينشط برامج التلفاز، وهو الذي يحيي السهرات والليالي الطوال، وتقام المسابقات الدولية على مستوى العالم العربي لاختيار أحسن كوميدي، أحسن مغني، أحسن راقصة، أجمل فنانة، أحسن أداء تمثيلي…فهل بالفن وحده ستتقدم دولنا نحو الأمام؟ أين غابت البرامج الثقافية والدينية والتوعوية، والسياسية؟ أين المسابقات الثقافية والعلمية؟ لقد أضحت كإبرة في كومة قش، متى سنجد إعلامنا يتنافس لاكتشاف أحسن عالم؟ أحسن مفكر؟ أحسن كاتب؟ أحسن قارئ؟
![]() |
الفنان وحده قدوة جيل |
الفنان وحده والرياضي، قدوتا جيل 2022 قدوة جيل2022
فقد أضحت قدوة أبنائنا الفنانة الفلانية، أوالمغني الفلاني، والرياضي الفلاني، فهم وحدهم من يملكون المال والسلطة والتأثير، فمتابعة يومياتهم عبر الفايسبوك والتويتر، أو عبر الأنستغرام أكبر دليل على ذلك، وما عليك إلا أن تعود إلى صفحاتهم عبر هذه الوسائط الاجتماعية بكل أنواعها، لتصطدم بالأرقام المهولة من المتابعين، والعاشقين، والمدمنين على مشاهدة يومياتهم، مهما كانت تافهة، ومهما كانت فارغة، ومهما كانت مبتذلة في بعض الأحيان.
ولا ينافس هؤلاء الفنانين والرياضيين في المتابعة إلا من يسمون اليوم بالمؤثرين، عبر اليوتيوب، والذين يعرضون محتوى يجلب الجمهور، مثل روتيني اليومي، والزينة والمساحيق…، أما أصحاب المحتوى المتميز، المؤثر فعلا فتعمى عنهم العيون، وتصم عنهم الآذان، فيضطر بعضهم للتنازل في بعض الأحيان لإرضاء الجمهور العريض، بنفس منطق السينما والمسرح" الجمهور عاوز كده"
ماذا ننتظر من هذا الجيل؟ قدوة جيل2022
ماذا ننتظر من جيل، تقدم له الشيخة في الإعلام على أنها النموذج الذي يجب أن يحتذي به؟ ويقدم له لاعب كرة القدم على أنه المثال المتميز، مصداقا للمثال الدارج: " إذا لم تأت بالقلم، ستأتي بالقدم"، إعلام يصور لك صانع المحتوى الهجين على أنه هو الناجح الحقيقي لأنه يكسب آلاف المشاهدات، وهو المشهور، وهو البطل، ويغيب فيه العالم، والمفكر، الجندي، القاضي، والطبيب، والمهندس، والمدرس...تغيب فيه القدوات الصالحة من أجدادنا وعلمائنا الذين أناروا درب الأمم، في حين نجد دولا أخرى غير عربية تعتز بتاريخها، ومجد أبطالها في إنتاجات ضخمة، أضحى الناس يحفظون تاريخها أكثر من تاريخهم الأصلي(تركيا نموذجا) رغم ما يتخلل هذه المسلسلات من مزايدات وافتراءات تاريخية كاذبة.
إن نظرة بسيطة على بعض الحوارات الصحفية التي تفاجئ المارين في الشارع المغربي مثلا، وتسألهم عن اسم عالم جليل، أو مفكر متميز، أو صحابي جليل، فإنك تفاجأ بجهل تام بأحدهم، فيبدأ المستجوب في التمتمة، ويعبر عن جهل كبير بالموضوع، فيشعر بالحرج، أما إذا سألته عن رياضي معين، أو ممثل أو مغني، فتجد الجواب يسبق إتمام السؤال.
التنويع الإعلامي ضرورة حتمية قدوة جيل2022
ولا يجب أن يفهم من كلامنا أننا ننتقد الرياضي المبدع، أو نرفض الفنان الملتزم أو المؤثر الإيجابي عبر اليوتوب، إن ما نرفضه حقا هو الاكتفاء بهولاء فقط، والاقتصار عليهم وحدهم في الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، لأن هذا الأمر يساهم في إنشاء جيل جاهل بتاريخه ومفكري أمته، جيل يسعى فقط للهو والمتعة، ولا يفكر في الإصلاح الحقيقي.
إن التنويع في الإعلام ضروري لتفادي التنميط، تنويع البرامج الثقافية والدينية والتربوية، تنويع الشخصيات البارزة، تنويع القدوات، بين مفكر ومبدع وعالم وجندي وطبيبة ومهندسة وعالمة...
رأفة بنا يا إعلامنا قدوة جيل2022
1- رأفة بهذا الجيل قدوة جيل، 2022
رأفة بهذا الجيل الذي وجد نفسه ضحية للاستلاب الثقافي والفكري في أبشع صوره، فهو فريسة يومية لوسائل التواصل الاجتماعي التي تمطره يوميا بما لذ وطاب من قيم يختلط فيها الصالح بالطالح، ومستهلك وفي لمسلسلات تلفزية، تركز على نموذج واحد أوحد هو الفنان فقط، لا أحد غيره، لا لشيء إلا لأنه بمنطق السوق، يجذب أعلى نسبة مشاهدة، أما رسالة بناء القيم والمثل العليا عند أبنائنا فلا محل لها من الوجود، ولا أحد من المسؤولين يحمل هذا الهم، لا من قريب، ولا من بعيد.
2- رأفة بالأسر قدوة جيل2022:
رأفة بالأسر التي فقدت السلطة على أبنائها، فلم تعد تملك فرصة السيطرة على الوضع، حيث فقدت البوصلة تماما، بعد أن شاركها التلفاز في التربية، وأثرت وسائل التواصل الحديثة على أخلاق أبنائها وميولاتهم وتوجهاتهم الفكرية. وما أقبح أن يشعر الآباء بالعجز وهم يرون أبناءهم ضحية إعلام فارغ، وبرامج تافهة تنزل بأخلاقهم للحضيض.
3- رأفة بالمدرسة والمجتمع قدوة جيل2022:
رأفة بالمدرسة التي وجدت نفسها عاجزة عن إعادة توجيه المتعلمين، والمساهمة في تربيتهم تربية صالحة، لأن ما تبنيه يهدمه الإعلام الفاسد، الذي يبث سمومه في عقول الناشئة ، ويعلمهم أن العلم لا طائل من ورائه مادام المال يجنى بطرق سهلة وبسيطة.
ختاما
نتمنى مخلصين أن يستقظ إعلامنا الغافل من سباته، ليساهم بدوره في بناء الإنسان، من خلال تقديم القدوة الحقيقية الصالحة، التي تقف سدا منيعا فترة الأزمات، كالجندي المخلص، والطبيب المنقذ، والمدرس الرسالي، والمفكر المبدع، أما الاكتفاء بالإشادة بالفن والفنانين فقط، دون غيرهم، وطرحهم كبديل واحد أوحد للقدوة الصالحة، فلن يساهم إلا في مزيد من الضياع لمجتمعاتنا وشاببنا على جميع المستويات، لهذا نؤكد على التنوع، وعلى التركيز على باء العقول والفكر الإنساني من خلال تقديم نماذج صالحة، وبرامج مؤثرة وهادفة، والتركيز على كل ما ينفع الإنسان دنيا وآخرة مصداقا لقوله تعالى: " وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض"سورة الرعد الأية 18
إقرأ أيضا:
تعليقات
إرسال تعليق