القائمة الرئيسية

الصفحات

يوميات المرأة الخارقة التي تكتوي بنار حارقة : ترى من تكون؟

يوميات المرأة الخارقة التي تكتوي بنار حارقة: ترى من تكون؟

صباح المرأة الخارقة 

نهضت المرأة الخارقة في الصباح الباكر، صلت الفجر، وبقيت مستيقظة، فالوقت اليسير المتبقي لن يسعفها لتعود للنوم قليلا، هيأت وجبة الغذاء لابنها أيمن، وأعدت حقيبة الصغيرة راضية، الطفلة الرضيعة التي لم تتجاوز شهرها الرابع، لكي تصطحبها في طريق العمل وتتركها عند أمها طيلة الدوام، استقلت السيارة رفقة زوجها منصور، واتجها رأسا للعمل، بعد أن وضعا الصغيرة في المكان المحدد،  في حين بقي أيمن في البيت وحده، يتناول فطوره، وينتظر حافلة المدرسة التي تتأخر عن موعد خروج والديه بأكثر من ساعة، والمفروض أن يغلق الباب بالمفتاح، وينزل إلى الأسفل، بمجرد سماع بوق السيارة.


المرأة الخارقة التي تكتوي بنار حارقة


ضمير المرأة الخارقة ودموعها الحارقة

وضعت المرأة الخارقة  الرضيعة في المكان المحدد، بيت الوالدة، بعد أن سلمتها كأمانة لأختها الكبرى، وانطلقت دون أن تلتفت، وهي تحاول أن تصم آذنها عن سماع بكاء الطفلة الصغيرة التي تستنجد بأمها لتعود لأحضانها من جديد، صراخ شبيه بألم الكي بالنار: "واع، واع، واع..." صراخ لا يزول أثره من عقلها وآذانها، إلا بعد مدة طويلة تستغرق نصف الطريق، كما أن الدموع تصاحب هذا الصراخ طيلة الوقت.

دموع تنسكب وتنسكب من مقلتيها، وهي لا تدري أ دموع فراق طفلتها، أم دموع نابعة من ألم ضميرها، تتساءل مع نفسها متحسرة، كيف تترك طفلة رضيعة صغيرة عند أم بلغت من السن عتيا، أم تريد أن ترتاح من عناء تربية أطفال صغار، وهي الأم التي تعبت في شبابها لتربية أبنائها، ورعاية زوجها، وآن الأوان لترتاح قليلا، لتجد نفسها تبدأ المشوار من جديد، تجهز حليب الرضاعة وتغير الحفاضات، وتهدد الصغيرة لتنام، أو لتتوقف عن البكاء، لا مناص لأمها من الصبر، فكيف تترك طفلة رضيعة في يد الغرباء وابنتها، المرأة الخارقة،  مضطرة، ظروف عملها شاقة، وقصص الخادمات والمربيات ومعاملتهن للأطفال مرعبة، من كي وضرب، وتجميد أطراف، بلا رحمة ولا شفقة، ومن أين لها أن تضمن خادمة أو مربية تعمل بضمير حي، تحنو على طفلتها الرضيعة، التي لا تستطيع التعبير عن ذاتها مهما حدث، لأنها بكل بساطة لا تعي ما يحيط بها، إنها تتجرع مرارة الألم وكأنها مجرمة في حق طفلتها، في حق أمها، رغم أنها توصف بالمرأة الخارقة، لكن ظروف الحياة تفرض عليها أن تساعد زوجها لتسكن في بيت ملائم، وتدرس أبناءها في مدارس خاصة، وتسافر في عطلة الصف إلى مكان مريح، وتشتري سيارة متواضعة تعفيها من مشقة وسائل النقل، وتوفر بعض الكماليات، إنها ليست وحدها المذنبة، فالحكومة لم توفر لها رخصة ولادة تناسبها، على الأقل "سنتان"، ولو بنصف الأجرة، مرحلة مقدسة تحتاج أكثر من شهرين، كما هوة محدد في قانون الوظيفة العمومية هنا. عبثا تحاول إقناع نفسها أنها غير مذنبة، وأن الأمر طبيعي، لعلها ترتاح قليلا من هواجسها المقلقة.

فزع وهلع يعتري المرأة الخارقة فيكويها بنار حارقة

أوصلها زوجها للعمل، وأتم طريقه نحو عمله، دخلت مسرعة إلى مكتبها، بخطى متباطئة حتى لا يشعر أحد بتأخرها عن موعد العمل بنص ساعة، لقد تعودوا على هذا الموعد، فالطريق وعر والمواصلات مكتظة، والمسافة بين المحمدية والبيضاء ليست هينة.

شرعت المرأة الخارقة في تفحص الملفات المطلوب إنجازها، ملفات تتطلب تركيزا كبيرا، حاولت أن تتجاهل كل شيء، ولا تفكر في أي شيء، أن تركز فقط  في عملها، إنها تشتغل في قسم حساس وحيوي، قسم التخطيط والتصميم الهندسي في شركة عملاقة، وأي خطأ قد يؤدي إلى خلل في البناء، فيهوي البيت على أصحابه، لا بد من التركيز، التركيز ، التركيز، غير أنه في لحظة لا تدري كنهها عصفت بذهنها فكرة مقلقة:

"ابني، ترى هل عاد  للنوم مرة أخرى، هل أدرك موعد الحافلة المدرسية؟ الم يتربص به أحد على حين غفلة، وهو يهم بإغلاق الباب الحديدي، أيمكن أن تسمع خبرا مفجعا عن ابنها؟ خبرا لم تتوقعه، أن يهجم أحدهم أو يعتدي، أو يغتصب، أو يسرق...فزع عارم انتابها، كاد يشل حركتها، فشعرت بدوار مفاجئ كاد يسقطها أرضا، لولا أنها تنبهت للهاتف بجانبها، رأت فيه المنقذ من لهيب أفكار حارقة، رفعت السماعة بسرعة البرق لتتصل بإدارة المدرسة، حتى تطمئن على وجود ابنها في المدرسة، أمهلتها المديرة  التربوية ثواني معدودة قبل أن تؤكد وجوده في الفصل، ويطمئن قلبها، فطمأنتها بأن حاضر في الحصة، ولكن من أين لها أن تتأكد أنه أغلق الباب جيدا، ومن تم تضمن أن البيت لن يسرق؟ ومن اين لها أن تتأكد أنه لم يوقد النار فتضمن أن البيت لن يحرق؟ 

حاولت أن تسترجع أنفاسها لتركز على عملها فقط، وليسرق البيت أو يحرق، المهم أن ابنها في سلام، وابنتها في يد آمنة، إنها مجرد هواجس ، أو وسوسة شيطان مارد، لا يهم، عملها الآن أهم.

عودة المرأة الخارقة لتجابه معارك البيت والمطبخ الطاحنة

عادت أدراجها إلى البيت رفقة زوجها منهكة، وهي تحمل صغيرتها بين يديها بعد أن تسلمتها من أمها في طريق العودة، وجدت الباب موصدا ففتحته، ولم تشم رائحة دخان، فابتهجت، فطفلها الصغير الذي لم يتمم الثامنة من عمره  قد أتقن بالتدريب مهمة يمارسها كل صباح. وضعت الصغيرة النائمة في سريرها، وغيرت ملابسها، ثم اتجهت رأسا نحو المطبخ لتنجز وجبة الغذاء لابنها الصغير، الذي سيدخل بعد ساعة من الآن، فمن حسن حظها أنها تعود للبيت قبله، لأنه يمكث في المدرسة وقت الظهيرة، ويتناول الوجبة الخفيفة التي أعدتها له أمه في الصباح ليسد به رمق جوعه.

أما زوجها فقد تمدد على الأريكة يشاهد برامج التلفاز، ومرة مرة يقلب صفحات هاتفه الجوال، دون أن يعبأ بتلك الواقفة هناك في المطبخ، تعد الطعام، وتهيء الخبز للأسرة، تلك المرأة المتعبة، المنهكة جسدا وعقلا، والتي لم تخلد للراحة ولو لثانية واحدة، فقد ظلت واقفة من الصباح الباكر حتى اللحظة، لم يفكر في الوقوف معها ولو للحظة واحدة، بل تركها وحدها، تجابه حروب المطبخ والبيت التي لا تنتهي، ولا يدرك أن هذه المرأة التي تفني شبابها وعمرها بين البيت والعمل، تشاركه في تحمل مسؤوليات كبرى، كان من المفروض أن يتحملها وحده، إنها تتجرع مرارة قسوته المعنوية ، وعدم إحساسه بها وبمعاناتها، فهي تصبر، لأنها تعلم يقينا أن معاناتها تتكرر في كل بيت، لأن العربي يرى أن دخوله للمطبخ فيه إهانة لكرامته.  

تساؤلات المرأة الخارقة الحارقة ؟؟؟

قضت المرأة الخارقة يومها تتخبط بين العمل والبيت، بين صخب الحياة وضغوطاتها، لقد تساءلت مرات كثيرة مع نفسها، ماذا ربحت؟ وماذا خسرت؟ وهل توفقت في اختيارها للعمل خارج البيت؟ إنها المرأة الموظفة اليوم والتي وجدت نفسها في مأزق التوفيق بين البيت والعمل، تؤدي مهمات شتى بلا حدود،  وبلا اعتراف ولا تقدير ولا دعم ولا مساندة، لا من الدولة التي تشغلها، ولا من أقرب المقربين إليها، يقال لها دوما إذا امتعضت، أو اشتكت، أو تمردت، أنت التي اخترت، فلتتحملي مسؤولية اختياراتك، تقول دوما مع نفسها "نعم أحببت أن أشتغل، أن أستثمر معارفي وما تعلمته في بناء وطني، أحببت تحقيق ذاتي وكينونتي من خلال عملي ومساهمتي في بناء مجتمعي، من خلال الشعور بإيجابيتي، ولكن كلفت نفسي أكثر مما أطيق، وأهلي لم يرحموني، لا الدولة قننت ساعات عملي باعتبار أما وزوجة، ولا منحتني رخصة ولادة تكفي لرعاية ابنائي، ولا هي وفرت لي الجو المناسب للعمل بعيدا عن الضغط والتحرش والاستغلال. ولا رفيق دربي وأب أبنائي دعمني وساعدني، وقدم لي يد العون، فوقف إلى جانبي في إعدادي طعام أبنائي وتربيتهم، جنب إلى جنب، ويدا بيد،  لقد بقي كالضيف ينظر ويشاهد من بعيد، ينتظر اللقمة الساخنة، والبيت المنظم، والطفل المهيأ المهذب، الكل يتعامل معي كأني امرأة حديدية خارقة، قادرة على تحقيق المستحيل، ونسوا أني أنثى تحتاج الدعم والحنان والمعاملة الراقية.

نهاية يوم وبداية آخر لامرأة خارقة

آوت إلى فراشها، بعد أن أرضعت طفلتها حليبا سممه روتين يوم مرهق، لتنهض في الصباح الباكر جدا، تصلي الفجر، وتهيء الوجبة اليومية لطفلها، وتعد صغيرتها،  ثم تكرر نفس المشوار اليومي المؤلم لامرأة توصف بالخارقة، إنها المرأة العربية العاملة، سواء كانت موظفة، أو طبيبة، أو مستخدمة أو .....لها منا ألف تحية.

 

  

 لوازم المطبخ من أمازون ممتازة:

- مقلاة كاداي حديدية من راج، 25 سم، قطعة واحدة، لون اسود، موديل IK0010 https://amzn.eu/d/cNfR7wH

 - لوازم مطبح للأطفال: Womdee مطبخ مطبخ ألعاب طبخ طبخ 16 قطعة من الفولاذ المقاوم للصدأ لعب التظاهري ألعاب المطبخ نموذج صغير للأطفال وعاء https://amzn.eu/d/6Rv7kXZ

https://amzn.eu/d/6Rv7kXZ

- سلم الطبخ:سلم قابل للطي في 3 درجات للمنزل المطبخ الداخلي وغرفة المعيشة المحمولة (أبيض) https://amzn.eu/d/5P4u8X0

https://amzn.eu/d/5P4u8X0 

تعليقات