القائمة الرئيسية

الصفحات

رسالية الفن: هل الفن رسالة راقية، أم انحلال خلقي؟

رسالية الفن: هل الفن رسالة راقية، أم انحلال خلقي؟

1-الفن رسالة راقية (رسالية الفن)

لا أحد يجادل في أن الفن رسالة راقية، لأنه يعري الواقع ويكشفه بجلاء، والهدف الأسمى هو أن يصلحه، وكل فن يعري الواقع بطريقته الخاصة، فالرسم يكشف بؤس الواقع من خلال تعابير اللوحة الفنية التي ترسمها أنامل فنان، والتي يعبر من خلالها عن هواجسه وأحاسيسه، وتفاعله الذاتي مع الواقع البئيس أوالسعيد حسب تمثله له.

 والغناء يعبر عن الواقع من خلال كلمات الشاعر، التي تعكس قضية ما، قد تكون عاطفية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو دينية يؤديها فنان محترف بصوت يصل القلوب قبل الآذان. أما فن التمثيل فيجسد الواقع بالصوت والصورة من خلال أداء الأدوار، ويكون محورها قضية مكتوبة على شكل سيناريو يؤديه مجموعة من الممثلين المحترفين ليؤثروا في الواقع بشكل إيجابي لتغييره والرقي به.



الفن رسالة راقية


2- حدود الفن  (رسالية الفن)

أ-الفن يفضح الواقع 

(رسالية الفن)

 وهنا يحق لنا أن نطرح سؤالا مشروعا، هل يجب كشف الواقع على حقيقته في الفن تجسيدا

ومضمونا؟ لأنه فن واقعي، يفضح الواقع أم يجب مراعاة الحدود، والتحفظ ومراعاة قيم أخرى مقيدة وضابطة؟  

 لقد حاول أبطال أحد الأفلام المصرية الذي أثار ضجة مؤخرا،تجسيد الواقع كما هو، من خلال الفيلم المستوحى من فيلم إيطالي، حيث تدور القصة حول كشف أسرار شخصية، في ليلة عشاء، تفضحها هواتف نقالة تركت مفتوحة، على اعتبار أن الهواتف أصبحت مستودع سر الإنسان، وصندوقا مغلقا يدس فيه خفاياه وخباياه وربما جرائمه الأخلاقية، ومن هنا تنطلق القصة، حيث تكشف هذه الهواتف العري والخيانات الزوجية والسلوكات الشاذة والمثلية بشكل فاضح، وهي أمور واقعية في حياتنا اليوم، آفات نعيش أقبح منها، وأسوأ منها لدرجة أن الشاب أضحى يغتصب بدم بارد أمه أو أخته، أما فضائح الأب مع بناته فحدث ولا حرج، واستغلال الأستاذ الجامعي لطالباته وهو القدوة والنموذج فأمر يبعث على القرف.

ب- هناك حدود أخلاقية وشرعية يجب مراعاتها في الفن 

(رسالية الفن)

آفات وآفات وآفات نعيشها كل يوم، بل منذ القدم، فقط لم تكن هناك وسائل إعلام تفضحها، فالإنسان منذ الأزل وهو يخطئ، ولكن عندما نريد فضح هذا الواقع من خلال السينما، أو المسرح، أو المسلسلات التلفزية، هل يبيح لنا الشرع والقيم والأخلاق والعرف أن نكشفه على حقيقته بكل تفاصيله ودقائقه، لنشعر المشاهد بصدق حدوثه؟ الجواب بالطبع لا، وألف لا.

3-المغالطات التي يقع فيها الممثل(رسالية الفن)

أ- يكرس السلوك السلبي

(رسالية الفن)

 يقع الممثل في مغالطة كبيرة عندما يعتقد أنه يعكس واقعا فاحشا بصدق، بمعنى، تتعرى المرأة والرجل ليعبرا عن مشهد حميمي حدث في القصة، أو يمارسان سلوكا شاذا للتعبير عن الواقع المرير، الذي لا يخفى على الجميع. لأنهما بهذا السلوك يؤججان عواطف الآخر، يدفعانه دون قصد أو بقصد إلى ممارسة نفس السلوك، بمعنى السلوك الذي تريد ان تحاربه، بطريق غير مباشرة ستكرسه، لأن الإنسان يتأثر بما يشاهده سلبا لا إيجابا، والدليل أن أفلاما كثيرة عكست واقعا قبيحا لم نأخذ منها إلا ما هو سلبي يلبي غرائزنا وينشر الرذيلة بين أبنائنا، والممثل يعتقد نفسه مؤديا لدور لا يمثل شخصيته الحقيقية فهو مجرد وسيلة، يبقى طاهرا لا علاقة له بما يقع، إنه مجرد ممثل، والحقيقة أنه مسؤول عن أدواره، بغض النظر عن نواياه، الناس يلاحظون سلوكه  ويتأثرون بأفعاله السلبية خصوصا، رغم أنه يريد نقدها، فالممثلة التي تدخن، تفتح شراهة النساء للسيجارة، والممثلة التي تتعرى وتمارس لقطات جنسية ولو بالتمثيل، تدفع مشاعر الآخر لممارسة الرذيلة، إنه بكل بساطة إغراء وفتنة، أكثر منه فن ورسالة.

ب ما يتناساه الممثل

(رسالية الفن)

 والممثل يتناسى أثناء الدور الذي يلعبه أن من يشاهده سواء كان ابنه أو أمه أو أي مشاهد آخر لن يفصل بين شخصية الممثل وشخصية الإنسان الحقيقي. وقصة فيلم "أصحاب ولا أعز" وما أثاره من ضجة، تذكرني بفيلم مغربي عرض سنة 2015م ليفضح الدعارة في مدينة مراكش، غير أنه أثار ضجة كبيرة، لأن الممثلة أرادت أن تفضح الواقع بالصوت والصورة والجسد، فخرقت كل قيم الأخلاق والدين والمجتمع، وهذا النوع من الفن الفاضح للمجتمع، الفاضح للفنان، يلقى قبولا لدى شريحة كبيرة من المشاهدين، ويتهافت على شرائه المنتجون، لأنه بكل بساطة، مدر للدخل، مثير للشهوات، محقق للمتعة الغائبة، مشجع على الفتنة، لا علاقة له برسالة الفن، والسؤال هنا ما الحل؟

4-الفن يرسخ المبادئ النبيلة لا الأخلاق المنحلة(رسالية الفن)

لكي يؤدي الفن رسالة عظيمة يجب أن يحافظ على المبادئ والقيم التي ترعى كرامة الإنسان، فالزوج عندما يريد معاشرة زوجته في الحلال يتستر، وكل من ابتلي ببلاء طلب من الشرع أن يستتر" وإذا ابتليتم فاستتروا"، وأبدا لن نغير واقعا منكرا بواقع أشد من إنكارا، بل يجب على الفن أن يقدم النموذج الجيد في المجتمع لأنه هو المؤثر، أكثر من النموذج القبيح، لأن الكل يعرفه، وإذا أردنا كشفه لابد ان نعتمد على الإيحاءات الفنية التي يفهمها الجميع، لا ان نضرب بعرض الحائط كل القيم والمبادئ ونعرض الفحش أمام الملأ لنحاربه.


اقرأ أيضا:مسلسلات رمضان ٢٠٢٢ من سيربح جائزة الإلهاء  

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق