هل العلاقات الرضائية (الزنا) حرية فردية ؟ ومتى يرقى للجريمة الأخلاقية؟
إن الملاحظ اليوم هو أن الأسرة العربية المسلمة اليوم مهددة من جميع النواحي وتحطيمها هدف أعلى لكل من يعاديها، لأن من أسرار استقرارها تشبتها بقيم الإسلام، كما أن تضامن أفرادها من يمكن أن يقوي لحمة المجتمع، على اعتبار أن الأسرة تشكل أساس بنائه.
لهذا تجد أن هناك أيدي مدمرة تسخر كل وسائل التكنولوجيا الحديثة لتدمير قيم أفرادها، وهكذا نجد أن :
- العديد من الأمهات ربات البيوت يقضن أغلب الوقت يشاهدن الأفلام التركية، دون أدنى اهتمام بالتربية الاسرية.
- والأمهات العاملات يقضين جل وقتهن منشغلات بلقمة العيش،أو يحاربن في معارك الحرية والمساواة، دون تركيز اهتمامهن على التربية الأسرية.
-أما العديد من الآباء بأغلب وقتهم منشغلون بالعمل نهارا والسعي وراء الشهوات ليلا ، في الوقت الذي تغيب فيه التربية الأسرية الجيدة، فمن يؤدي دور الوالدين؟
الجواب بكل بساطة يكمن في التلفاز والشبكة العنكبوتية، ومواقع التيكتوك، والانستغرام ليشكلا توجه الطفل ومقولاته وفق إرادة منظمات أجنبية، لا علاقة لها بالتربية بل تسعى للتدمير والاستغلال، دون أدنى حس بالمسؤولية أو تأنيب الضمير.
وعندما تغيب التربية السوية للأسرة المتوازنة التي تربي الأبناء على القيم الأخلاقية والمبادئ السمحة، فإن النتائج تكون خطيرة وقاتلة.
إضافة لما سبق نجد أن المدرسة قد عجزت عن تقديم التربية البديلة، وتعوض دور الأسرة التي تخلت عن واجبها، استسلمت وجعلت فلذات أكبادها يقعون ضحية لمغريات التكنولوجيا في شقها الخبيث، الذي يربي على القبائح، ويحفز على الرذيلة، بل ويعتبرها أمرا عاديا واجب الحدوث.
وفي الآونة الآخيرة، ولمزيد من الإمعان في تخريب الأسرة العربية عن قصد، وباسم احترام حقوق الإنسان الكونية تتعالى صيحات فاقدة لكل بوصلة في الدول العربية، صيحات تدعو لعدم تجريم الخيانة الزوجية، على اعتبار أنها علاقة رضائية وهي صيحات غير خاضعة لأي منطق كيفما كان نوعه أخلاقي أو ديني، أو اجتماعي... فأي منطق هذا الذي يطالب- في مجتمع إسلامي عربي- بقبول خيانة الزوجة كحق من حقوق الإنسان، وبغض النظر عن الكراهة الدينية لهذا السلوك، فأين هي حقوق الطرف الآخر في العلاقة الزوجية؟ ما ذنب امرأة عفيفة متزوجة من رجل بعقد شرعي أن تلتقط فيروس فقدان المناعة المكتسبة من رجل فاسق متعدد العلاقات؟ وما ذنب رجل طاهر متزوج من امرأة فاسقة أن يربي أبناء ليسوا من صلبه دون علم ولا دراية؟
وكيف يمكن القبول بالخيانة الزوجية باسم الحرية الجنسية وهي أحد أكبر أسباب الطلاق في الدول العربية حيث تصل لأكثر من 100 ألف حالة سنويا، في أغلب البلدان العربية، فما بالك إذا كانت الخيانة الزوجية متاحة باسم القانون، ستتضاعف نسبة الطلاق إلى أعلى نسبها مما سيؤدي حتما إلى ضياع الأسرة وتفككها بشكل لم تعرف له البشرية مثيلا. فهل باسم الحقوق الكونية نستبيح الحقوق الفردية للآخرين
3- العلاقات غير الشرعية بين الحرية الفردية، والالتزام الأخلاقي.
بالموازاة مع هذه الدعوة اللا أخلاقية، نجد دعوة أخرى لا تقل عنها خطورة وانتهاكا لحق الأسرة والطفل، وهو الدعوة لعدم تجريم العلاقات الرضائية، المركب الإسمي الحقوقي اللامع الذي يوازي لفظة "الزنى"، وهي لفظة مرفوضة لأنها تنتمي لمدونة دينية، في حين تنتمي عبارة "العلاقات الرضائية" لمدونة الحداثة والعصرنة، وبغض النظر عن اللعب بالألفاظ والمصطلحات، نتساءل عن حقوق الأطفال المتخلى عنهم، من سيدافع عن حقهم، وهم الإفراز النشاز لهذه العلاقات الرضائية، التي تؤدي إلى جرائم بشعة في حق أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم إفراز متعة عابرة، من سيحمي حقوقهم، من سيجبر كسرهم، من سيعترف بهم، في ظل مجرد علاقة رضائية عابرة لا مسؤولة، إسألوا أحدهم يوما عن الجريمة المرتكبة في حقه، وسيكون جوابه داميا قاتلا، إنه إنسان مدمر بلا هوية، بلا انتماء إنساني. هل سيقبله المجتمع كإنسان عادي حتى لو اعترفنا وقبلنا بالعلاقة الرضائية التي جمعت بين امرأة من المفروض أن تكون أمه، وبين رجل من المفروض أن يكون أباه، ونظرا لغياب العقد الشرعي، لا أحد يتحمل هذه المسؤولية النبيلة في ظل أسرة طبيعية، والمنبوذة في ظل علاقة رضائية، نسيت المرأة أثناءها أخذ حبوب منع الحمل بسبب الشهوة العارمة. فقد أثبتت الإحصائيات أن عدد المواليد الناجمين عن ما يسمى بالعلاقة الرضائية في المغرب مثلا يصل إلى 50 ألف رضيع سنويا، أغلبهم يرمى في المزابل، إذ في الدار البيضاء وحدها يتم استخراج 300 طفل من حاوية النفايات. هذا في ظل دولة تجرم العلاقات الرضائية، فما بالك عندما يرفع القانون يده عن محاسبة هؤولاء، أكيد أن العدد سيتضاعف، والجرائم الإنسانية ضد الأطفال الأبرياء سترتفع بشكل مهول.
في حين نجد أن الإسلام قد قدس العلاقة الجنسية التي يتيحها الزواج الشرعي لأنها علاقة مسؤولة، وما ينجم عنها من أطفال تكون حقوقهم محفوظة، سواء تعلق الأمر بالرعاية أو النفقة، أو الإرث...لأن الإسلام دين يحمي الحقوق الإنسانية، ويراعي قواعد الفطرة البشرية، أما دعاة الحرية الجنسية فهم باحثون عن المتعة المجانية غير المسؤولة، وغير المقيدة بقوانين الأخلاق والمجتمع، إنها بالفعل تستحق لفظ المتعة الحرام
ختاما
الحذر كل الحذر من تدمير قيمنا وأصالتنا باسم الحرية الفجة التي لا تعترف بقواعد وحدود، والتي لا تعطرها قيم الدين والأخلاق.
تعليقات
إرسال تعليق