القائمة الرئيسية

الصفحات

هل المساواة في الإرث تنصف المرأة؟(مدونة الأسرة 2023)


هل المساواة في الإرث  تنصف المرأة؟(مدونة الأسرة 2023)

مقدمة:(مدونة الأسرة 2023)

تنادي بعد الجمعيات النسائية اليوم، وبعض الجمعيات الحقوقية بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل، على اعتبار أن المرأة تظلم في مجتمعنا بسبب هذا الحكم الإلهي، وهذه مغالطة كبيرة يجب دحضها لأن هذا المطلب لا يتوافق مع الشريعة من جهة، ولأنه ليس في صالح المرأة بل قد يتحول إلى سلاح موجه ضدها، كيف ذلك؟ 

انظر أيضا: كيف يقسم الميراث 


العدل الإلهي في الميراث




كيف كانت معاناة المرأة قبل الإسلام، كانت تورث ولا ترث؟ (مدونة الأسرة 2023)

كان المرأة في العصر الجاهلي متاعا تابعا  للرجل في كل شيء لا تمتلك أي حق ولا تملك أي إرادة، وقد أكد ذلك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، عندما أقر أنهم كانوا  في الجاهلية لا يعدون للمرأة  رأيا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم من حقوق.

وكانت في بعض القبائل مثل البضاعة والأثاث تورث كما يورث الأثاث والبضاعة ، وتنتقل المرأة إلى الورثة كما ينتقل الأثاث والبضاعة، وكانت محرومة من كل الحقوق، ولما جاء الإسلام رفع الظلم عن المرأة، ومنحها نصيبا من الإرث، ومنع توريثها، فهي إنسان كاملة الإنسانية، ترث ولا تورث، وأقر لها نصيبًا من الميراث، وأكد في القرآن الكريم أن للرجال نصيب من تركة آبائهم وأقربائهم، كما للنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، قليلا أو كثيرا، كما ورد في سورة النساء، الآية 7.

انظر أيضا ماذا نقول للمتطرف الذي أحرق القرآن الكريم؟

 

هل تعلم أن  هناك حالات في الإسلام ترث فيها المرأة مثل الر جل أو أكثر؟ (مدونة الأسرة 2023) 

أكد علماء الشريعة أن هناك حالات متنوعة ترث فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، فهناك حالات أربع فقط ترث المرأة نصف الرجل،  وهناك حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل، وهناك عشر حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، بل وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل، والنتيجة أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ المرأة ترث فيها المرأة مثل الرجل، وهناك فقط أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل، وقد أقرها الله تعالى عندما أكد أن للذكر مثل حظ الأنثيين.

 

لماذا ترث المرأة نصف قدر ميراث الرجل؟ (مدونة الأسرة 2023) 

من وجهة نظري الخاصة من أسباب إرث المرأة نصف قدر ميراث الرجل أن الله عادل، والعدل يقتضي أن المال مسؤولية وليس منحة وهبة للتمتع فقط  فهو أمانة يجب استثمارها بشكل جيد، وكلما قل كلما رفعت المسؤولية عن صاحبه، وكلما كثر ازدادت المسؤولية عن صاحبه.

العدل الإلهي أيضا يكمن في أن الله رفع عن المرأة مسؤولية النفقة، فمهما كانت ثرية، عاملة، وارثة...، ليست مأمورة بالنفقة لا على زوجها، ولا على أبنائها، ومن العدل أن يرث الرجل أكثر من قدر ميراثها، لأنه مكلف بذلك، ومسؤول عنه، فالمرأة لا تستطيع أن تباشر العمل مدة طويلة لجلب المال، لأنها تتعرض في حياتها لفترات تضطرها للتوقف عن العمل بسبب العجز المؤقت، مما يفرض وجود مسؤول يتكلف ماديا بشؤونها، ولنأخذ كمثال على ذلك: 

-       فترة الحمل

-        فترة الرضاعة 

-        فترة النفاس

-       فترات الطمث

-        فترات انقطاع الطمث وما يرافقها من مشاكل نفسية وصحية

-       ...

 في حين نجد أن الرجل قادر، في كل فترات حياته على العمل إلا في حالة المرض.

ومن العدل الاجتماعي أن نكلف المرأة بالإنفاق إذا قسمنا الإرث بالعدل بينها وبين الرجل، وهذا فيه إضرار بالمرأة للأسباب السالفة الذكر من جهة، وفيه ظلم للرجل الذي يضطر للعمل طيلة الوقت، والنفقة طيلة الوقت، ولكن نصيبه من الإرث يساوي نصيب المرأة.

والله عز وجل أعلم منا بقدرات كل واحد منا، فالرجل والمرأة مختلفان لا من الناحية الفيزيولوجية، ولا من ناحية القدرة على ممارسة كل الوظائف، ولا من ناحية الاستمرارية الدائمة في مزاولة العمل، لذا اقتضى العدل الإلهي أن ترث المرأة نصف القدر الذي يرثه الرجل، إنصافا للرجل والمرأة معا.

وإذا كنا اليوم نطالب بالمساواة الكاملة في الإرث، فمن حق الرجل غدا أن يطالب بالمساواة الكاملة في النفقة بقوانين وضعية، وتجد المرأة نفسها مضطرة لأن تمارس مهام الأمومة، ومهام التربية، ومهام الرضاعة، ومشقة العمل دون توقف بواجب القانون.

لقد كان الإسلام رحيما بالمرأة، راعى ضعفها وعجزها في فترات من حياتها، ورفع عنها واجب النفقة، وكلف الرجل بالنفقة.

قد يقول قائل ولكن المرأة اليوم تنفق على البيت مثل الرجل، وربما أغلب العائلات اليوم تشتغل النساء أكثر من الرجال، وأغلب بيوتنا تحمل أعباءهن امرأة، سنجيب، نعم هذا أمر واقع اليوم، ولكنه ضد طبيعة المرأة، ضد العلاقة الطبيعية التي ترهق المرأة وتكلفها أكثر مما تطيق، إنه ذبح للمرأة التي تجد نفسها تتخبط  كالآلة بين البيت والعمل ومشاكل الأسرة ومشاكل العمل، لأن مجموعة من الرجال مع الأسف الشديد، أهملوا واجباتهم الشرعية، واعتمدوا على النساء في تدبير شؤون البيت ماديا ومعنويا، وهذا خلل اجتماعي، يجب أن يعالج بالقانون الذي يجب أن يتوافق مع الشريعة، وينسجم مع متطلباتها، مثلا:

-       إلزام الزوج بالنفقة على البيت فترة الزواج وليس التدخل فقط في موضوع النفقة في حالة الطلاق.

-       لا بأس أن تساهم المرأة في نفقة البيت اختيارا وليس إجبار إذا كانت تعمل، ولديها مردود مالي، لأنه في حالة الإجبار سنرهق كاهل المرأة التي تعمل خارج البيت، وتتكبد عناء رعاية الأبناء وتربيتهم وإطعامهم، والاهتمام بتعليمهم ومدارسهم إضافة لكل ذلك، حتى يبقى عملها خارج البيت أيضا اختيارا وليس إجبارا.

هل تعلم أن الوارث مكلف بالنفقة على أهل الهالك؟ (مدونة الأسرة 2023)


والملاحظة الأخيرة هنا أن الله عز وجل كلف الوارث، بعد وفاة الهالك بالنفقة على أهله كواجب شرعي لاستحقاق الإرث، وغالبا ما لا يلتفت المشرع الوضعي في المجتمعات المسلمة إلى مثل هاته الأحكام الشرعية، فالوارث سواء كان عما أو خالا، يجب عليه النفقة على أهل الهالك بنفس الدرجة والقيمة المادية، فمثلا إذا مات الزوج ولم ينجب قيد حياته سوى البنات، فسيدخل العم أو أبناؤه في الميراث بحكم غياب الولد الذكر، وهنا فرض الله عزوجل على الوارث أن ينفق على بنات المتوفي مادام له نصيب من الإرث، وهذا الحق يجب أن يحميه القانون، فالإرث ليس متعة كما سبق وأسلفنا الذكر بل مسؤولية أيضا: والدليل على مسؤولية الوارث قوله تعالي: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ" البقرة 233.

هذا ما يجب أن نمحص فيه ونجعله قانونا ملزما للوارث حتى لا يضيع حق النساء بعد هلاك الزوج أو الاب، نبحث عن حقوق من داخل الشرع لا من خارجه، تحمي المرأة وتصون كرامتها، لا أن نبحث كيف نخالف الشرع لضمان حقوق لا تتناسب ومسؤوليات المرأة المنوطة بها في الشريعة الإسلامية.

خاتمة: (مدونة الأسرة 2023)


إن الجمعيات النسائية والحقوقية التي تدعو إلى المساواة في الإرث، تسعى إلى ما يلي:

-       تغيير شرع الله المنسجم مع الفطرة البشرية والطبيعة الإنسانية.

-       إرهاق كاهل المرأة بمسؤوليات جديدة ملزمة لأن العدل أن تكلف بالإنفاق كما تتمتع بالمساواة في الإرث.

فرأفة بالمرأة قبل الرجل لأن الله عز وجل أكرمها ورحم ضعفها وكلفها على قدر استطاعتها، وهو العادل الذي خلقنا وهو أدرى بطبيعتنا وقدراتنا.

      

تعليقات