القائمة الرئيسية

الصفحات

قصص الأطفال:كيف تحقق الإرادة المستحيل؟ (قصة زاز وزوز وتحدي تسلق الشجرة العملاقة)

كيف تحقق الإرادة المستحيل؟(قصة زاز وزوز وتحدي تسلق الشجرة العملاقة

صداقة زاز وزوز وميراز 

داعبت أشعة الشمس أشجار الغابة  في ذلك الصباح الجميل، فخرج كل من زاز وزوز وصديقهما الجديد ميراز  يلعبون في نواحي الغابة الجميلة، يركضون ويقفزون، ويستمتعون بوقتهم الجميل، خاصة وأن الصديق الجديد ميراز قد أبهج جماعتهم،  وزاد علاقتهم دفءا، وملأ بشغبه ومرحه فراغ أيامهم، وقد كانا وحيدين في الغابة التي بدأت تمتلئ شيئا فشيئا بالقادمين الجدد من عائلات القردة المهاجرة، الباحثة عن الدفء والجوز، وأشجار الموز. ورغم أن تعارف زوز وزاز وميراز حديث العهد إلا أن الود الذي جمعهم في مدة قصيرة جعلهم يشعرون كأنهم يعرفون بعضهم منذ مدة طويلة جدا.

زاز وزوز وتحدي تسلق الشجرة العملاقة

 

اكتشاف زاز وزوز وميراز للشجرة العملاقة

 وبينما الثلاثة يلعبون ويمرحون ويركضون، ويتسلقون الأشجار الباسقة، تفاجؤوا برؤية شجرة ضخمة، ممتدة الأغصان،  طويلة جدا، حتى أن العين لا تكاد تدرك نهايتها، وكأنها تخرق بطولها عنان السماء، فنظر بعضهم لبعض مستغربا، ولسان حالهم يقول: 

_ ما نهاية هذه الشجرة العملاقة؟ وكيف لم يكتشفوها قبل اليوم؟ !
 
لم يمهلوا أنفسهم لتعرف الجواب، بل انطلقوا مسرعين نحوها، كل واحد يجري بخفة البرق ليصل إلى الشجرة العملاقة قبل الآخر، عساه يدشن الانطلاقة، فكان الوصول الأسرع من نصيب ميراز الذي ابتهج بهذا النصر الأول، وانطلق كالسهم يتسلق الشجرة، وتبعه زاز، ليلحق بهم زوز متأخرا، وقد بدأ يتسلق الشجرة رويدا رويدا، لكنه توقف بمجرد قطعه أمتار قليلة، لأن صغر سنه، وضآلة حجمه لم يسعفاه للالتحاق بأخيه زاز وصديقه ميراز. أما أخوه فقد مضى بخطوات متسارعة لكي يلحق بميراز عسى أن يسبقه، ولكن هيهات أن يدركه، فالمسافة بينهما تتسع أكثر فأكثر، والشجرة العالية لا تنتهي، أسرع ، وأسرع، وأسرع في خطواته إلى أن خارت قواه، وعجز عن مواصلة التسلق، فجلس على أحد الأغصان يلتقط أنفاسه، ويشرئب بعينيه إلى الأعلى، وينظر بحسرة إلى صديقه ميراز الذي تجاوزه بمسافة كبيرة أنى له أن يدركها أو يصل إليها، غير أنه لاحظ في الآن نفسه أن خطى صديقه بدأت تتثاقل وأن التعب بدا واضحا في طريقة تسلقه للشجرة العملاقة، وأنه عبثا يحاول الصمود ومواصلة الطريق. 

زاز وزوز يشجعان ميراز الممتطي للشجرة العملاقة:

قرر زاز النزول، بعد أن ارتاح فترة يسيرة من الزمن، ليلتحق بأخيه الصغير زوز الذي كان يراقب ميراز بنظرات يملؤها الإعجاب والفخر، وهو يقفز في الآن نفسه مشجعا إياه بصوت عال:
-" هيا يا ميراز، هيا لقد اقتربت، واصل، واصل..."
انضم زاز لزوز، وبدأ معا يشجعان ميراز ويصفقان، ويرفعان صوتهما عاليا :
-"هيا، هيا..إلى القمة إلى القمة"
والمفاجأة أن الأمهات قد انضممن أيضا لفريق التشجيع، بعد ان بلغهن صوت أطفالهم وهم يصرخون مشجعين لميراز البطل، الذي اقترب من خط النهاية، تشجيع ممزوج بالخوف من السقوط ، هذا تحديدا ما كانت تشعر به أم ميراز، ولكنها أخفت مشاعرها، ونادت بأعلى صوتها:
-" واصل ابني، واصل، لقد اقتربت من خط النهاية"
كلمات الأم الصادقة زادت ميراز حماسا وأنسته تعب ومشقة الطريق، فقرر أن يواصل، رغم الألم الذي اجتاح مفاصله والتعب الذي أخذ منه مأخذه. كانت كلماتها بمثابة الوقود الذي حرك عواطفه ومشاعره لمزيد من الصعود نحو القمة، مما اضطره إلى أن يزحف على بطنه ليصل إلى قمة الشجرة بعد أن عجزت رجلاه عن مواصلة الزحف، وتورمت يداه، فما أجمل أن تكون بطلا أمام أمك، أن تعبر لها عن قوتك وشجاعتك، أن تجعلها تفخر بأنها أنجبت فردا ناجحا مثلك، فعيون العالم بأسره، مهما انبهرت، وأظهرت إعجابها بك إلا أن نظرة أمك تختصر كل تلك النظرات، وتكفيك، وحدها تكفيك لتشعر أنك فعلا ناجح، وأنك في أعلى مراتب السعادة. 

وصل ميراز أخيرا لأعلى الشجرة العملاقة:

وأخيرا، أخيرا وصل ميراز إلى هدفه، أعلى الشجرة العملاقة، نعم لقد وصل وسط تصفيقات الناظرين من أسفل، وصل إلى القمة، وهناك نادى بأعلى صوته:
_ يا الله، ما أجمل ما أراه ! مدهش، ما أروع المنظر من أعلى !
قال زاز بصوت مرتفع، حتى يتمكن ميراز من سماعه:
_ صف لنا ما تراه يا صديقي.
رد ميراز مباهيا:
_" أرى ما لا ترون، جمال مبهر، جبال شامخة تخترق السحاب، وشلالات هادرة تتلألأ نورا كأنها اللؤلؤ والمرجان، أرى مساحات خضراء شاسعة لا يحدها البصر، أرى غابات بعيدة مثمرة مصفوفة الأشجار، أرى ....
وهنا تردد صوت أم ميراز عاليا وهي تسأل ابنها:
_ صف شعورك وأنت هناكة في قمة الشجرة العملاقة.
أجاب ميراز مزهوا:
_ إحساس يعاش ولا يوصف.

قرار زاز صعود الشجرة العملاقة:

هنا في اللحظة والآن، وقبل أن يتم ميراز حرفه الأخير، قرر زاز في أعماق نفسه أن يعيد الكرة مرة أخرى ليلتحق بصديقه مهما كلفه الثمن، ومهما كلف وصول القمة من مجهود، فعندما تكون النية صادقة وقوية يتحقق المراد مهما كان صعبا، هكذا خاطب نفسه قبل أن يعيد الكرة، ويصعد الشجرة العملاقة من جديد، فهو وميراز يمتلكان نفس القدرات والطاقة، ويمكن أن يصلا معا لنفس الهدف، وليس عيبا أن يفشل مرة أو مرات، المهم أن يعيد المحاولة، ألا يستسلم لليأس، فاليأس نار حارقة تدمر صاحبها.
نظر زاز لأمه نظرة استئذان، فأومأت برأسها إيجابا. انطلق كالسهم نحو الشجرة، مقررا في أعماقه أن يصل إلى الأعلى، وألا ينظر أبدا للسفح، حتى لا يصيبه الوهن. ركض بكل قوته، وتسلق الشجرة العملاقة دون أن يلتفت يمينا ولا يسارا، ودون أن يعبأ لما يحيط به من عراقيل وأشواك، كل همه أن يصل إلى الأعلى، ليرى جمال الكون في صورته الحقيقية، ليرى ما يراه ميراز، فما كان من  الواقفين أسفل الشجرة إلا أن شجعوه بتصفيقاتهم الحارة، وكلماتهم المحفزة، وابتساماتهم الناطقة بالثقة والأمل.
 خطوة خطوة، واصل السير، تدفعه قوة نابعة من أعماقه، إنها قوة الإرادة، قوة النية الصادقة للوصول للقمة، قوة تدفع زاز إلى السير قدما دون كلل أو ملل، قدوته صديقه ميراز، الذي صمد حتى النهاية، قوة عميقة جعلته يقطع المسافة نحو صديقة بسرعة خيالية، نعم لقد وصل زاز أخيرا إلى قمة الشجرة العملاقة، هناك عانق ميراز قبل أن يلتفت إلى الكون الرائع الذي أبهره جماله، فردد بكلمات صارخة صادقة:
_ " فرق كبير بين الرؤية من أعلى والرؤية من الأسفل، فرق كبيييير، كبييير...، صدقت إنه إحساس يعاش ولا يوصف"
 
الكل يغبطهم لأنهم وصلوا، جمهور القرود الذي زاد عدده وارتفع أسفل الشجرة العملاقة، وبينهم زوز، القرد الصغير الذي فكر أن يصعد في البداية  غير أن صغر حجمه لم يسعفه لمواصلة الطريق، لقد نظر إلى أمه نظرة انكسار، تعبر عن إحساس بالضعف والعجز، نظرة تنطق برغبة الوصول إلى هناك، إلى أعلى الشجرة، نظرة فهمتها الأم ، فعانقته بحرارة، وهمست في أذنه قائلة: 
_"ثق يا طفلي العزيز أنك قريبا ستصل إلى هناك، ستصل إلى قمة الشجرة العملاقة مثل زاز وزوز، فقط اصبر قليلا حتى يشتد عودك، وتكبر قليلا"

زوز يفاجئ أمه وزاز ويفعلها !

لم ينبس زوز ببنت شفة بل شد على يد أمه ورفع عيناه للأعلى وهو يبتسم لرؤية أخيه مبتهجا هناك. وفي المساء عادوا جميعا إلى مسكنهم، وناموا ليلهم وقد أخذ منهم التعب مأخذه، فلم يشعروا بشيء إلا بأشعة الشمس الدافئة تنير صباحهم، تفقدت الأم ابنها الصغير زوز فلم تجده نائما بجانبها، هرعت خارج البيت تبحث عنه وهي تنادي بأعلى صوتها:
_ زوز، زوز، أين أنت؟ 
لا أحد يجيب، تبع زاز أمه قلقا، يتساءل أين اختفى زوز؟ 
بدأ الهلع يدب في قلبهما، غير أن صوتا رقيقا انبعث من أعلى الشجرة العملاقة هدأ من روعهما:
_" أنا هنا، أنا هنا أمي، تطلعي إلي، أنا أيضا وصلت إلى قمة الشجرة العملاقة"
لم تصدق الأم عيناها، ولا زاز صدق ما رآه، ولكن زوز فعلها، لقد قضى الليل كله يزحف رويدا رويدا، إلى أن وصل إلى الأعلى، في غفلة من الجميع، اقتداء بزاز وميراز، الفرق الوحيد بينه وبينهم أنه احتاج وقتا أكبر لأن عوده لا زال طريا، إنها الإرادة، نعم إنها الإرادة التي تجعل المستحيل ممكنا.         

انظر أيضا حواسيب مميزة من أمازون
https://a.co/d/iUUPD9T






تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. كل التشجيع والدعم ❤️ قصة رائعة تستحق التنويه 💕

    ردحذف
  2. شكرا على هذا التعليق المميز

    ردحذف

إرسال تعليق