علوم التربية:ما هي أهمية القدوة والممارسة في التربية المدرسية في 2022؟
التقديم(علوم التربية)
القدوة هي النموذج المحتذى به، والمثل الأعلى الذي نسير على خطاه، في تصرفاته وأفعاله، وأقواله وسلوكاته، خاصة إذا طابق سلوكه قوله، ولم يبرز تناقضه، ويمكن أن يكون القدوة أبا أو أما، عالما، أومدرسا، المهم أن يكون نموذجا صالحا. وخير قدوة عرفته البشرية، هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" الأحزاب، الآية 21، لهذا كان تأثيره كبيرا وفاعلا، حتى اعتبر من كبار عظماء العالم، الذين عرفتهم البشرية، وقال فيه الحق سبحانه" وإنك لعلى خلق عظيم "القلم: 4، وقال عنه أصحابه أنه كان قرآنا يمشي على الأرض.
1- أهمية القدوة في التربية (علوم التربية)
أكد العلماء والفلاسفة سواء المسلمون والغربيون على أهمية التربية الأخلاقية والحقوقية، مركزين على جانبها التطبيقي، والذي يتمثل في اعتبار أخلاق المدرس وممارساته السلوكية نموذجا يحتذى به المتعلم في سلوكه أكثر من الجانب المعرفي والوعظي، وهو ما أكده محمد الغزالي عندما اعتبر أن "حسن الخلق لا يؤسس في المجتمع بالتعاليم المرسلة أحكامها، أو الأوامر والنواهي المجردة، إذ لا يكفي في طبع النفوس على الفضائل أن يقول المعلم لغيره: "افعل كذا"، أو "لا تفعل كذا". فالتأديب المثمر زرعه يحتاج إلى تربية طويلة ويتطلب تعهدا مستمرا. ولن تصلح تربية إلا إذا اعتمدت على الأسوة الحسنة، فالرجل السيئ لا يترك في نفوس من حوله أثرا طيبا، وإنما يتوقع الأثر الطيب ممن تمتد العيون إلى شخصه، فيروعها أدبه، ويؤثر فيها نبله، وتقتبس –بالإعجاب المحض- من خلاله، وتمشي بالمحبة الخالصة في آثاره "( محمد الغزالي، خلق المسلم، ص ص13-15)، لأن الإنسان يتأثر بالسلوك والممارسة، أكثر مما يتأثر بالكلام والتوجيهات والمواعظ.ومن الوصايا التي قدمها الغزالي للمعلم والمدرس (أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، ص26) :
_ أن يزجر المتعلم على سوء الخلق بطريقة التحريض، ولا يصرخ ويورث الجرأة على الهجوم بالأخلاق، ويهيج الحرص على الإصرار.
_ أن يكون عالما بعلمه لا يكذب قوله فعله.
_ أن يكون قدوة حسنة، وأن يتحلى بالورع والتقوى، لأن أعين الصبيان إليه ناظرة، وآذانهم إليه مصغية فما استحسن فهو عندهم الحسن، وما قبح فهو عندهم قبيح.
![]() |
ما هي أهمية القدوة والممارسة في التربية الحقوقية والأخلاقية |
2- كيف ندمج التربية الأخلاقية والحقوقية في المدرسة من خلال القدوة (علوم التربية)
ولكي يكون المربي مؤثرا فاعلا في العملية التربوية يجب أن يعتمد على اللين والرفق، لا على القسوة والعنف، حتى لا يكون عنصرا منفرا للمتعلمين، ومن تم يفشل في تحقيق الأهداف السامية من التعليم، وهو أمر يؤكده ابن خلدون بقوله من "كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين والمماليك أو الخدم سيطر عليه القهر وضيق النفس وانبساطها، وذهب نشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة، لذلك صارت له عادة وخلقا وفسدت معاني الإنسانية "( ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ص617) فالعنف تكون نتائجه عكسية، حيث يفسد أخلاق المتعلم ويحمله على الكذب والنفاق والخبث...، وهو أمر خطير لا يفطن له العديد من المدرسين والآباء، الذين يحققون مصلحة وهمية للطفلة باعتماد وسيلة فاسدة وهي العنف، والله سبحانه وتعالى يدعونا لنبذ سلوك العنف " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر "(آل عمران :159).
التأكيد على القدوة والنموذج في التربية نجده أيضا عند جان جاك روسو الذي اعتبر أن النجاح في تكوين أي شخص لن يتأتى إلا بتمثل نفس الصفات التي تريد ترسيخها، إذ يقر قائلا "اذكروا أنه يجب على كل من يحاول تكوين رجل أن يكون قبل ذلك رجلا، فيظهر مثالا يحتذى به ...وكونوا محترمين لدى جميع الناس وابدؤوا بأن تكونوا محببين إليهم حتى يحاول كل واحد أن يرضيكم "(جون جاك روسو، أميل أو التربية، ص137)
فالقدوة الحسنة هي الأساس في ترسيخ القيم النبيل والأخلاق الحسنة، وما دامت المدرسة هي مركز التربية والتعليم فإن المدرس هو محور العملية التربوية، فيجب أن يكون نموذجا راقيا يحتذي به التلاميذ في سلوكهم، لأن الأخلاق والقيم تترسخ بمحاكاة النموذج الصالح، وتتبع خطى الناجحين والمتخلقين، وقد مثل النبي محمد صلى الله عليه وسلم قدوة في الأخلاق الحسنة، لهذا تبعه الصحابة رضوان الله عليهم، ونجحت دعوته الإسلامية، وانتشرت في كل بقاع العالم، وهو ما أكده القرآن الكريم"وإنك لعلى خلق عظيم"(القلم : 4)، الأمر نفسه يجب أن يسلكه المدرس لكي يؤثر بشكل إيجابي في المتعلمين حيث يكون قدوة حسنة لتلاميذه وطلابه.
وقد سعت الدول المتخلفة إلى تحطيم صورة المدرس القدوة، دون وعي منها أنها بذلك تحطم المجتمع وأساس القيم، إذ جعلت منه شخصا محتقر الشأن داخل المجتمع، وشوهت صورته من خلال تعميم بعض السلوكيات الشاذة التي تقع في بعض المناطق محدودة، وجعلت أجرته الأقل قيمة مادية، بل اعتبرته السبب الرئيسي في فشل منظومتها التربوية، بخلاف الدول المتقدمة التي رفعت شأن المدرس، واعتبرت مهنته الأنبل بين المهن، بل رفعت أجرته لتضاهي أعلى الأجور، لأنها تدرك أن المدرس هو أحد أكبر عوامل التقدم والازدهار، فعندما ندمر القدوة، أكيد أننا ندمر معها القيم والاستقرار الروحي للشعوب.
3- التطبيق والممارسة مهمان في إدماج التربية الأخلاقية والحقوقية في المدرسة (علوم التربية)
الجانب الثاني الأكثر فاعلية في التربية الأخلاقية والحقوقية الإسلامية فهو التطبيق الميداني من خلال التجريب والعمل الإجرائي الذي يستند إلى الممارسة العملية والفعلية، وما يعاب على مدارسنا تركيزهم على الشق النظري في مجال التربية، دون التركيز على الفعل الميداني الذي يجعل التربية سلوكا راسخا في الوجدان والمشاعر، ويمكن أن يتم ذلك من خلال إشراك المتعلمين في إنجاز عمل خيري أو اجتماعي أو إنساني، يزرع في وجدانهم أخلاق التكافل والتعاون. أو من خلال تقنية التفاعل مع الأقران في وضعيات تعليمية مبتكرة وعملية يتم إبداعها من طرف المدرس تزكي لديهم قيم الصدق والإخلاص والحب والثقة في النفس... ومن تم يتحقق التعليم بالتوجيه والمحاولة والخطأ وتوظيف الخبرة الذاتية للوصول إلى نتائج مبنية على الاقتناع الشخصي بالسلوك الأخلاقي النبيل البعيد عن أي ضغوطات خارجية.
تعليقات
إرسال تعليق