القائمة الرئيسية

الصفحات

علوم التربية:أهمية التربية الحقوقية والأخلاقية في مجال علوم التربية في 2022

 علوم التربية:أهمية التربية الحقوقية والأخلاقية في مجال علوم التربية في سنة 2022

التقديم

القيم لا تتجزأ فهي نبيلة وذات قيمة وترقى بالإنسان، لهذا نجد أن التربية الأخلاقية التي تستهدف إكساب المتعلم مبادئ الأمانة والصدق والإخلاص والتعاون...، لا تختلف عن مبادئ حقوق الإنسان الرامية لإكساب المتعلم قيم التسامح، واحترام الرأي الآخر، ومراعاة حق الإنسان في الكرامة والحرية والعيش الكريم...وهي تمثل جميعا قيما إسلامية نبيلة لا تتجزأ، وقد أكد عليها القرآن الكريم مصداقا لقوله تعالى ''ولقد كرمنا بني آدم" (الإسراء:70). فاحترام كرامة الآخر، ومنحه فرصة التمتع بحرية الرأي والتعبير والفعل، والتحلي بصفة التسامح والحوار الإيجابي... وغير ذلك من قيم حقوق الإنسان هي أخلاق عظيمة ثابتة في الإسلام منذ زمن بعيد، بل اعتبرت الأخلاق صمام أمان لحماية الحقوق لأن ''الهدف من وضع القيود الأخلاقية هو ضمان الحفاظ على حقوق الناس وأغراضهم وشرفهم''[1].


التربية على القيم الأخلاقية والحقوقية في مجال علوم التربية.

1- العلاقة بين القيم الأخلاقية والحقوقية (علوم التربية)

وما ينبغي تأكيده  أن حقوق الإنسان التي نص عليها الإسلام تنسجم بشكل كبير مع الفطرة البشرية، ولا تتعارض مع طبيعة الإنسان، وهذا ما يجعلها حقوقا أخلاقية، إذا جاز التعبير، كما أن الحقوق في الإسلام لا تتسم بالأنانية لأنها تراعي حقوق الآخرين الذين يمثلون الأغلبية في مجتمع معين، فالحرية ليست مطلقة بل مقيدة بالأخلاق الضابطة لها، ومرتبطة بحق الآخرين في احترام خصوصياتهم الثقافية والدينية...، ومن تم لا يحق لأي أحد باسم الحرية الفردية أن يعتدي على حقوق الآخرين ويفسد مجتمعهم، ويمكن أن نسوق مثالا لذلك بمطالبة بعض الجمعيات المدنية بحرية العلاقات المثلية، وهي محرمة شرعا، وتتعارض مع الفطرة البشرية، وتؤدي إلى إفساد المجتمع، ونشر رذيلة المثلية على أوسع نطاق، فهي إذن تتعارض مع القيم الأخلاقية وتهدد قيم المجتمع، لهذا تعتبر حرية ضارة ومرفوضة.

وتكتسي الأخلاق أهميتها المتمثلة في ضبط حقوق الإنسان ومراقبتها، خاصة عندما يتعلق بالحقوق المدرجة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية التي يراد لها أن تكون كونية، فهذه الأخيرة لا تكتسب مشروعية تطبيقها داخل المجتمعات العربية الإسلامية إلا إذا كانت منسجمة مع الفطرة البشرية، وخصوصيات دينه الإسلامي بأخلاقه الراقية التي تعتبر محور الرسالة المحمدية. وبذلك تكون التربية الحقوقية ذات طبيعة أخلاقية، كما أن التربية الخلقية تكتسي طبيعة حقوقية، فلا يمكن لأي واحد منهما أن يستغني عن الآخر، وإلا أدى الأمر إلى انحلال وفساد كبيرين، لأن الأخلاق معيار نقيس به جودة القيم ومصداقيتها

2-أهمية التربية الأخلاقية والحقوقية في مجال علوم التربية

وتشكل التربية الأخلاقية والحقوقية أحد العناصر الرئيسية التي يهتم بها مجال علوم التربية، على اعتبار أن من مهام المؤسسات التربوية النظامية التربية على الأخلاق والقيم النبيلة، إلى جانب إكساب المتعلم المعارف والعلوم.

تعتبر التربية الأخلاقية والحقوقية أحد مقومات نهوض المجتمعات، على اعتبار أن "التربية هي القلب النابض في جسم التنمية البشرية، ومن تم في جسم أي أمة، فهي التي تجدد الدم في عروق الأمة وشرايينها، وأي اضطراب في هذا القلب هو اضطراب وضعف لجسم التنمية، ومن تم لجسم الأمة وعقلها وروحها "[2].

والتربية الأخلاقية هي الإطار الحامي لكل  مناحي الحياة، وترتبط بكل المجالات، فبالتربية الأخلاقية الحسنة ننشئ مهنيا متخلقا، وموظفا مخلصا، وسياسيا وفيا، ...ومن تم نقضي على الأنانية والرذائل التي تنخر المجتمع مثل الرشوة، الغش، السرقة، الخيانة...وهذا ما يقره مصطفى حلمي عندما يؤكد أن "التربية الخلقية هي السياج الذي يحيط بألوان التربية جميعا، فمن واجب الفنان مراعاة قانون الحشمة واللياقة والمحافظة على ستر الحياء والعفاف، وعلى المعلم الإحسان في اختيار مادة تدريبه العقلي واللغوي..وينبغي أن تخضع سائر ألوان التربية في وسائلها وأساليبها وبواعثها لقواعد الآداب وأن نقيس ذلك كله بمقاييس الفضيلة "[3].

دور المدرسة في التربية على القيم الحقوقية والأخلاقية (علوم التربية)

ويناط بالمدرسة مهمة تربية الناشئة على القيم الأخلاقية والحقوقية التي تنهض بالفرد والمجتمع، وتعالج السلوكيات المنحرفة لدى المتعلمين للحد من جرائم الأخلاق، كما أن الضرورة أصبحت تلح على أهمية تفعيل التربية الأخلاقية في المدارس بشكل قوي، وفي جميع المستويات الدراسية لضمان الاستقرار الروحي والنفسي والقيمي للمجتمعات، بل هناك دول سعت لتخصيص مادة تهتم بالتربية الأخلاقية مثل اليابان، حيث أقر المجلس المركزي للتربية إدخال المادة في المنهج الرسمي للدراسة في للموسم الدراسي 2017-2018م. الأمر نفسه أقرته وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، حيث سيتم تطبيق منهاج التربية الأخلاقية، مطلع العام الدراسي المقبل 2017-2018م، ونتطلع نحن في بلدنا المغرب لإجراء نفس الخطوة، لأننا نحتاج إلى التربية الأخلاقية والحقوقية للحد من الانحلال الأخلاقي الخطير الذي شمل جميع المجالات، يقول ويسبورد في هذا "التغير يستلزم وقتا ومجهودا في تكوين الخطط والمناهج الدراسية وعبر أنشطة مختلفة تساعد الأطفال على التفكير في المشاكل والسلوكيات من منظور أخلاقي لأنه من دون اعتبارات أخلاقية معتبرة، فسنكون بصدد مشكلة انقسام وعدم استقرار في المجتمع حيث نزعة الفرد تتغلب على أهمية الجماعة"[4].

3- بيداغوجيات مساعدة على التربية على القيم الحقوقية والأخلاقية (علوم التربية)

وهناك بيداغوجيات حديثة تساعد على تركيز القيم النبيلة لدى المتعلم، منها  "بيداغوجيا التعاقد "التي تلزم كلا من المدرس والمتعلم بتطبيق مجموعة من الأخلاقيات والسلوكيات الإيجابية التي يتم الاتفاق عليها والتعاقد بشأنها طيلة السنة الدراسة، الأمر الذي يثبت الخلق الطيب عند المتعلم مثل الأمانة، الصدق، الاحترام، التعاون. 

يمكن أيضا تحقيق التربية الأخلاقية عن طريق بيداغوجيا التعلم باللعب، خاصة بالنسبة للمرحلة الابتدائية، حيث الاستعانة ببعض الألعاب التربوية الخاصة التي تزرع القيم في وجدان المتعلم بعيدا عن التلقين والحفظ.

ولدعم التربية الحقوقية ذات الطبيعة الأخلاقية، والمستندة على المرجعية الإسلامية يتحتم علينا تركيز قيم حقوق الإنسان لدى المتعلم على اعتبار أن هذه التربية تتميز بأنها  "تنويرية لأنها تهتم بمفاهيم مثل الذات والحرية والكرامة والتسامح والمساواة والديمقراطية والمواطنة، وهي أيضا تربية نقدية بناءة، تدعو إلى إعادة النظر في القيم والمبادئ والسلوكيات، التي تتنافى مع حقوق الإنسان، فهي بشكل عام تهدف إلى تكوين الفرد تكوينا متكاملا مع الأخذ بعين الاعتبار كل مكوناته العقلية والمعرفية والسلوكية والوجدانية ليكون على علم بحقوقه وواجباته وحقوق الآخرين نظريا وتطبيقيا "[5].

خاتمة

والجدير بالذكر أن التربية على القيم الأخلاقية والحقوقية في المدرسة ليست تربية معرفية، تتوخى الجانب المعرفي فقط، لدى المتعلم، كأن يقتصر المتعلم على معرفة ما أقره الإسلام من حقوق وأخلاق بل هي تربية قيمية بالدرجة الأولى، تستهدف أساسا تغيير السلوك نحو الأفضل، من خلال ترسيخ القيم النبيلة في وجدان المتعلم لتطبيقها في حياته اليومية، وجعله يفضله "ويحتكم إليها في إصدار السلوك، ويلتزم بها في أدائه المدرسي أو المهني، والإنساني"[5].

وتتسم التربية المدرسية على القيم الأخلاقية بعدة سمات، منها أنها تربية توعي الفرد بواجباته الأخلاقية المتمثلة في الصدق والأمانة والتواضع ...، وهي تربية اجتماعية لأنها تجعل الفرد فاعلا ومؤثرا في مجتمعه بشكل إيجابي وراقي، كما أنها تربية دينية لأن أساس الدين هو المعاملة والأخلاق الحسنة.  



[1] - أرشد، يسري محمد. حقوق الإنسان في ضوء الحديث النبوي، كتاب الأمة، العدد 114، رجب 1427ه، السنة 26، الدوحة ، وزارة الأوقاف الشؤون الإسلامية، 2006، ص 150.

[2] - روسو، جان جاك. إيميل والتربية، ترجمة عادل زعيتر، تقديم محمد كامل الناقة، المركز القومي للترجمة، القاهرة، السنة2015،  ص3.

[3] - حلمي، مصطفى. الأخلاق بين الفلاسفة والعلماء، دار الكتب، بيروت، طبعة1، 2004م-1424ه، ص67.

[4] - خالد، الشيماء . لماذا-يجب-إدخال-"التربية-الأخلاقية" في مناهج-المدارس، http://24.ae/article/271126/، اطلع عليه بتاريخ 8-4-2018.

[5] - أغيغة، رقية. التربية على القيم في ظل التحولات المعاصرة، مرجع سابق ، ص 56

 

تعليقات