تربويات:لن أتخلى عنك تلميذتي سنة 2022!( قصص واقعية من يوميات معلمة)
الطفلة الحزينة المنزوية
(تربويات)
ذات صباح، وبينما هي منهمكة في شرح الدرس، تسكت هذا، فينطق ذاك، لاحظت حزن تلميذتها، المنزوية في أحد الأركان ، لمحت في عينها رغبة ما بالحديث عن شيء ما، التلميذة لا زالت طفلة في الرابعة عشر من عمرها، كئيبة وكأنها في الثلاثين أو الأربعين من العمر، كل يوم على نفس الحال، لا ترفع أصبعا، ولا تشارك حرفا، ترى ما الذي يشغل بالها؟ وهي الطفلة البريئة التي لم تتجاوز الثانية عشر من عمرها.
ذاك الصباح قررت أن تسألها؟ مابها؟ قررت أن تفك لغزها، أن تعرف سر حزنها، انتهت من حصتها فنادتها بأعلى صوتها مرددة:
-" مريم، تفضلي معي خارجا، أريد أ أتكلم معك"
خرجا معا أمام باب القسم، بعد أن طلبت من العون الإداري أن يحل محلها، ربتت المدرسة على كتف مريم وقالت:
-"لماذا كل هذا الحزن بنيتي؟"
ردت الطفلة بصوت مضطرب، يملؤه الشجن:
-« أستاذتي أنا حزينة جدا، لأن حدثا مؤثرا ينغص علي حياتي، حدثا عشته في طفولتي المبكرة "
-" بوحي بسرك يا ابنتي، كلي آذان صاغية"
أجهشت الطفلة بالبكاء وهي تردد:
-" كنت أقطن في بيت خالتي، لأنها أخذتني من أمي مذ كنت رضيعة، فهي لا تنجب، وباتفاق ماكر بينهما نسبت لخالتي وزوجها، فعندما سئلت أمي عن اسمها ذكرت اسم خالتي، ونظرا للشبه الكبير بينهما، لم ينتبه أحد، رغم أنها قدمت البطاقة الوطنية الخاصة بخالتي وبطاقة زوجها"
-"الأمر طبيعي، فكم من طفل كفله أحد أفراد عائلته، لا مشكلة في ذلك"
-" أتفق معك أستاذتي، رغم أن الأمر أزعجني كثيرا في البداية، خاصة عندما أذهب لبيت أمي، فأجد إخوتي مجتمعين، متوادين مع بعضهم، يلعبون معا، وأنا وحيدة، وأتساءل مع نفسي، لماذا وقع الاختيار علي أنا بالضبط، وليس أحدًا آخر من بين إخوتي، لماذا قررت أمي أن تتخلى عني أنا بالضبط؟ ماذا لو عشت بين إخوتي؟ رغم أنني كنت أحب خالتي كثيرا، ومتعلقة بها كثيرا"
- " الأمر عادي بنيتي، فكم من طفل كفله أحد أفراد عائلته، لا مشكلة في ذلك، هذه أمور تقع في العديد من الأسر، إنه قدرك أن تعيشي هناك، وأكيد أنك كنت الوحيدة عند خالتك، كنت المدللة"
ما العمل أستاذتي
(تربويات)
-"المشكلة ليست هنا، فقد استأنست بالوضع، لأني كنت أحب خالتي كثيرا، ولكن المأساة الكبيرة وقعت عندما بدأ زوج خالتي، يستغل غيابها عن البيت، ليعتدي علي ، وأنا ابنة الخامسة من العمر، لم أفهم حينها شيئا، كبرت قليلا، فأعلنت رفضي، وتدمري مما يفعل، لم يتقبل الأمر، هددني بالقتل إن أنا بحت بسره لخالتي، فتوقف عن فعلته التي دامت سنتين كاملتين حتى وصلت السابعة من عمر"
صعقت المدرسة، ووقفت واجمة مشدوهة لهول ما تسمعه، عانقتها بشدة، فواصلت الطفلة كلامها قائلة وهي تمسح دموعها"
-" أكره كل الرجال، أمقتهم، أكره أمي لأنها تسببت لي في هذا الوضع المقرف دون أن تقصد، أكره نفسي، أشعر أني خنت خالتي لأني لم أبح لها بالحقيقة "
قالت المدرسة وهي تشد على يد مريم بحرارة:
-" الذنب ليس ذنب أمك، إنه السلوك المريض الذي مارسه ذلك الكائن البغيض"
-" ما العمل إذن أستاذتي، قد يكون ذاك الحيوان قد أفقدني عذريتي، أرجوك خذني لطبيب متخصص يكشف علي، ويخبرني بحقيقة وضعي"
-" المشكلة بنيتي ليست هنا، العذرية ليست المشكل الأساس، بل المشكل الحقيقي يكمن في نفسك التي انكسرت، وطفولتك التي اغتصبت، بل قتلت دون ذنب بسبب رجل مريض جنسيا، يستغل بلا رحمة براءة الأطفال"
-"ما العمل، أشعر بالعار يلاحقني، أشعر أنني غارقة في القذارة رغم صغر سني"
البيدوفيليا |
لا بد من العقاب، لن أتخلى عنك تلميذتي
(تربويات)
ردت الأستاذة بعصبية:
-" يجب أن يعاقب المجرم على فعلته الدنيئة"
أجابت الطفلة مرتجفة:
-" لكن ليس لدي أي دليل يدينه، قد يقتلني إذا تجرأت على ذلك"
عانقتها المدرسة محاولة تهدئتها:
-" لا تخافي، أنا معك، من الآن فصاعدا سأعتبر قضيتك قضيتي، لن تعودي للبيت هذه الليلة"
استأذنت المدرسة للخروج فورا، وفي يدها يد مريم الصغيرة، الطفلة البريئة، وتوجهت رأسا نحو قسم الشرطة، عازمة على فضح المجرم لذي اغتصب طفولة بريئة عسى أن تجد دليلا يدينه، أو عساها تجد فقط آذانا صاغية، فعندما يتعلق الأمر بجرائم البيدوفيليا يصعب وجود دليل التهمة، كما يصعب وجود آذان صاغية لتسمع لأن الأمر يتعلق بطفل صغير قد يتخيل أو يكذب في اعتقادهم، بين الحقيقة أكبر وأقبح من كل ذلك؟؟؟؟
تعليقات
إرسال تعليق