القائمة الرئيسية

الصفحات

تربويات: قصة المدرسة التي أضحت خلف القضبان سنة 2022؟(قصص افتراضية من يوميات معلمة)

تربويات: قصة  المدرسة التي أضحت خلف القضبان سنة 2022؟ (قصص افتراضية من يوميات معلمة) 

(تربويات)

 المتمدرسة الصغيرة خلف القضبان 

(تربويات)

نهضت من نومها خاملة تتآب من شدة النعاس الذي يثقل جفنيها، قاومت نفسها وتحدت ضعفها ونهضت متيقظة بعد أن هيات نفسها، شربت قهوتها الصباحية كعادتها، اتجهت نحو عملها اليومي، إنه الروتين القاتل، نفس الطريق بحفرها ونتوءاتها البارزة، نفس الوجوه المكفهرة، بنظراتها الحزينة المكسورة، المتطلعة مثلها إلى غد جديد، يغير شكل الرتابة اليومي.

دخلت إلى قسمها، واستقبلت تلاميذها الأبرياء، أو الذين يفترض فيهم البراءة كانوا صغارا غير أن نظراتهم الشاردة والمضطربة تعبر عن قلق كبير يعتريهم، تساءلت مع نفسها" لماذا تبخرت معاني البراءة في هذا الزمن السقيم".

اتجهت مسرعة نحو السبورة لتنجز درسها، فالوقت لا يرحم، والساعة تنتهي قبل أن تبدأ، بعد أن كتبت تاريخ اليوم، وعنوان الدرس، توجهت ببصرها نحو تلاميذها، تفقدت الجميع غير أنها لمحت مكانا فارغا، إنه مكان عائشة، الشمعة المتقدة التي انطفأ فتيلها مدة طويلة بسبب غيابها الذي دام أكثر من أسبوع، تساءلت عن السبب، فكان الجواب صادما: " عائشة معتقلة" ، كيف حدث ذلك، طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من عمرها، ماذا جنت؟ لم تستوعب الصدمة؟


خلف القضبان


أنت التي جعلتها خلف القضبان ؟ 

(تربويات)

خرجت مسرعة بعد انتهاء الزمن الدراسي، توجهت نحو بيت عائشة رفقة أحد زملائها الصغار، اتجه بها الطفل الصغير نحو أحياء عشوائية غارقة في النتانة والوحل، استغربت، كيف يعيش تلاميذها في أماكن نائية، حقيرة، غير صالحة للحياة، وهي لا تعلم عنهم شيئا، لا تدري حقيقة واقعهم المؤلم، ربما أتوا ذات صباح جياعا دون لقمة، وكيف سيستوعبون دروسهم وبطونهم فارغة طرقت الباب القصديري، ففتحت امرأة ذابلة الملامح رغم صغر سنها، رحبت بالأستاذة التي تساءلت قبل أن تدخل:

_ ما بال عائشة؟ ما المشكلة؟ ماذا جنت هذه الطفلة الصغيرة؟

ردت الأم منكسرة :

_" لقد اعتقلت بسبب مشاركتها في مظاهرة ضد الحكومة وسياستها الهجينة"

أجابت الأستاذة مذهولة من هول الصدمة:

_"إنها جريمة نكراء أن يعتقل طفل بسبب التعبير عن رأي، أليس من حقهم أن يعبروا عن رأيهم؟"

رمقتها الأم بعيون حاقدة فيها كثير من اللوم والعتاب، ورددت عبارات غريبة:

-     إذن انت من حرض ابنتي على التظاهر والرفض، أنت إذن من علمها أن تحتج، نحن أناس بسطاء، قانعون بقضاء الله وقدره، راضون بواقعنا وابنتي طفلة صغيرة، لا تعرف شيئا، أنت من سمم أفكارها، أنت أنت ...؟

رفعت هاتفها النقال في اللحظة والآن واتصلت بقسم الشرطة مرددة عبارات مهمة 

-" في بيتي مجرمة، إنها الأستاذة التي حرضت ابنتي البريئة على الثورة ضد االحكومة، إنها في بيتي الآن، وقد اعترفت بجريمتها، ارجو منكم القدوم بسرعة.."

لم تستوعب الاستاذة الصدمة، إنها مجرد زيارة عادية، ما الذي يحدث؟ حاولت الخروج من البيت غير أن أم عائشة منعتها بقوة وهي تردد "اجلسي هنا أيتهاالمجرمة، أنت من يسمم أفكار أطفالنا في المدارس، ونحن نستامنكم عليهم، لن تخرجي إلا في سيارة الشرطة"

ماذا حذث ألهذه الدرجة أصبح نشر الوعي والنضال تهمة خطيرة في بلدي، ما بال هذه الأم الجاهلة؟ 

المدرسة  خلف القضبان 

(تربويات)

ما هي إلا لحظات قليلة حتى قدم رجال الشرطة بزيهم الرسمي، وبمجرد دخولهم قدمت الأم لهم دليل تورط الأستاذة، إنه الهاتف النقال الذي سجلت فيه الأم كلام المعلمة الجانية".وبمجرد سماع التسجيل، أمر ضابط الشرطة باعتقال ثوريا بتهمة تحريض الأطفال القاصرين على الثورة ضد الحكومة الموقرة. 

جرت ثوريا خطاها المتثاقلة إلى جانب الشرطي الذي قيد يدها وهي لا تدري ما الذي يحدث وكيف؟  ذهلت من هول الصدمة، غير أنها لم تجد بدا من الاستسلام للأمر الواقع بعد ان كبل الشرطي يديها، ومضت بجانبه تجر أذيال الخيبة، كيف لا وهي المدرسة التي جعلت عائشة متمردة.

تعليقات