قصص الأطفال:كيف انتصرت الأخلاق على الدناءة؟ ( قصة الغزالة الخلوقة والزرافة المتكبرة)
حكايات وعبر، من الفكر الإيجابي
الزرافة المتكبرة (أخلاقك أولا)
خرجت الزرافة ذات صباح إلى أحضان الطبيعة الخضراء، تسير متألقة في مشيتها، متباهية بجمال طلعتها، وطول قامتها، وبهاء ردائها، تنظر من أعلى لكل شيء، تتباهى بالعنق الطويل الذي يصل في شموخه وعلوه أعالي الأشجار، تنظر من أعلى لكل شيء، فالكل أسفل قدميها.
مذ وعت على الدنيا، وهي العالية الشامخة، ومن دونها تحتها، أسفل مرآها، أقل درجة، أقل شموخا، " وكلما كان الكائن أقل شموخا، كلما كان أكثر عجزا، وأقل قيمة" هكذا كانت تحدث نفسها دوما، حتى كبر في أعماقها شيء اسمه التعالي والكبرياء، هكذا أريد لها أن تكون وتخلق، ومن حقها أن تتباهى وتتفاخر بهذه النعمة التي وهبها الرحمان، دونا عن سائر الحيوانات، وما زادها زهوا إلى جانب طولها وعلو كعبها، نحافة قوامها، وجمال عينيها، كل شيء فيها يدفع نحو الشعور بالعظمة والشموخ والكبرياء.
لقاء استعلاء وتكبر أمام الغزالة الوفية (أخلاقك أولا)
وبينما هي غارقة في أوهامها، ومشاعر الاعتداد بذاتها، رأت الغزالة تمضي نحو الترعة المحادية لمسكنها، تحاول جاهدة تجرع بضع قطرات من الماء، فاقتربت منها، وهي تضمر في نفسها مخططا حقيرا، ستمعن في إهانتها، وستشبع رغبتها الجامحة في إذلال غيرها، وهي بذلك تغذي شعور التعالي الذي يسكن أعماقها، فقالت لها بكلمات مهينة:
-" تنحي أيتها الغزالة الحقيرة، ووسعي المكان لسيدتك الزرافة كي تمر دون مضايقات، وإلا طويتك بين ساقي في لفة واحدة"
استغربت الغزالة سلوكها، ووجهت نحوها نظرات متسائلة، ثم قالت بتهكم:
-" ومن أخبرك أني سأسمح لك بطيي، أنا لا أخشاك أيتها الزرافة المتعجرفة"
ردت الزرافة وهي ترفع عنقها نحو السماء:
-" الزمي حدك، واعرفي حدودك يا أيتها الغزالة الحقيرة، وإلا رأيت ما لا يعجبك من سيدتك الزرافة الشامخة"
وهنا تسمرت الغزالة في مكانها، وقالت باستغراب واضح :
-" هل أفهم من كلامك أنني موضع إهانة، إذا كنت أنا مجرد غزالة حقيرة، فاعلمي أن عالم الإنس إذا أراد مدح المرأة شبهها بالغزال، وإذا أراد قدحها شبهها بالزرافة "
الخطر المحدق بالغزالة المتكبرة (أخلاقك أولا)
وما إن سمعت الزرافة هذه الكلمات التي وقعت كالخنجر عل صدرها، حتى اتجهت مسرعة نحو الغزالة، لتقذفها في الترعة بركلة قوية لم تحسب الغزالة حسابها، فهوت في قعر الماء على حين غرة، أما الزرافة فمضت في طريقها، غير عابئة بفعلتها، تتمايل بزهو وخيلاء، تحول نظراتها يمينا ويسارا ، لتفاجأ مع النظرة الأمامية الأولى بأسد ضخم الجثة، سريع الخطى، يركض نحوها كالبرق، لم تدر ما تفعل، لاشك أنه كان متربصا بها منذ وقت ليس باليسير.
ارتعشت أطرافها، وارتعدت فرائصها، سينقض عليها لا محالة، فهي لم تتوقع خروجه المفاجئ الذي باغتها كالصاعقة، لابد أن تفعل شيئا لتنجو، بدأت تركض بسرعة في الاتجاه المعاكس للأسد، لم تجد أمامها سوى الترعة لترتمي في أحضان مائها، عساها تنجو من بطش الأسد المفترس، غير أنه لحق بها بسرعة، وبخفة عالية واحترافية، لا يتقنها إلا أمثاله ممن خبروا الصيد سنين طويلة، انقض عليها بسرعة البرق، وغرز أنيابه في عنقها ليستطيع التحكم فيها، ربما يعلم بفراسته الذكية أن هناك تكمن قوتها وعنفوانها، وأنه إذا تمكن من كسر عنقها، حتما سيقضي عليها.
المخلص المجهول(أخلاقك أولا)
وفي اللحظة التي حاولت خلالها الزرافة التملص من قبضة الأسد دون جدوى، إذا بشيء مجهول الهوية يجره من الخلف ليغرقه في أعماق الماء، وفي اللحظة التي التفت فيها الأسد ليرى ذلك المجهول، تملصت الزرافة بخفة لتنجو بجسدها مسرعة نحو اليابسة، أما الأسد فلم يجد شيئا خلفه سوى السراب. انتفض في مكانه، زمجر، زأر بقوة لأن فريسته التي تربص بها زمنا، قد هربت مسرعة نحو وجهة مجهولة لم يستطع تحديدها، فمضى إلى حال سبيله يجر أذيال الخيبة.
وفي الصباح الباكر، خرجت الزرافة كعادتها متألقة، شامخة، تزهو بمشيتها بجانب الترعة، لتلمح الغزالة مرة أخرى تشرب من ماء الترعة كما الأمس القريب، وقفت بجانبها، بنفس الشموخ ونفس الاستعلاء، وما إن لمحتها الغزالة حتى توقفت عن شرب الماء
أخلاقك سلاحك |
الزرافة المتكبرة تعلمت الدرس من الغزالة الوفية (أخلاقك أولا)
واستدارت نحوها قائلة:
-" هل ستعيدين كلام الأمس، أم أنك استوعبت الدرس؟"
أجابت الزرافة باستغراب:
-" أي درس تقصدين؟"
ردت الغزالة بكلمات واثقة:
-" ألا تعلمين من أنقذك البارحة أيتها الزرافة الشامخة من يد الأسد الذي هم بافتراسك، أيتها المتكبرة، إنه أنا، الغزالة الحقيرة من وجهة نظرك"
-" كيف؟ لم أفهم شيئا"
-" اللحظة التي التفت فيها الأسد، لقد كنت أنا من جر ذيله لألهيه عنك ثم اختفيت في قاع الترعة، ولم يرني لأنني صغيرة الحجم، قابلة للاختباء بسرعة، أما أنت ايتها الزرافة الطويلة الحجم فلم يسعفك طولك للغوص في الأعماق، وظللت بارزة ظاهرة للعيان، فريسة سهلة مستساغة. ورغم سلوكه الدنيء معي لم أتخل عنك، لأنني وفية لبني جلدتي من الحيوانات العاشبة"
نظرت الزرافة للغزالة في ذهول، مصدومة من هول ما تسمع، لم تتوقع أن تكون الغزالة التي احتقرت حجمها البارحة ورمت بها في الترعة أن تكون منقذتها، وذات جميل عليها. أحنت الزرافة رأسها تواضعا واحتراما للغزالة وقالت بامتنان:
-" لقد علمتني اليوم درسا لن أنساه أبدا، علمتني ألا أحتقر من هو أقل من حجما أو قدرة، فعلا، الله يضع سره في أضعف خلقه، علمتني أن الوفاء من شيم الكرماء، والعفو عند المقدرة من نبل العظماء، علمتني أن الذكاء يغلب القوة، علمتني دروسا كثيرا، وأنا الآن أنحني أمامك تواضعا، وأرفع لك القبعة، فانت الأجمل والارقى"
داعبت الغزالة عنق الزرافة وقالت مبتسمة:
-" ارفعي رأسك زرافتي، لا أحد أحسن من الآخر، كل واحد منا جعل الله في قوته ضعفا، وفي ضعفه قوة، لذا لا يجب أن يتكبر أحدنا على الآخر فكل واحد منا ميسر لما خلق له، سواء بضعفه أو بقوته"
روابط من أمازون لإمتاع الأطفال:
ألعاب مميزة للاطفالhttps://amzn.eu/d/8qLGJ0y
تعليقات
إرسال تعليق