علوم التربية: أشهر النظريات التربوية: (النظرية البنائية)
تقديم (علوم التربية)
ظهرت النظرية البنائية في أواخر القرن العشرين، لتصبح أحد أعمدة مجال التربية وعلم النفس، وهي تعتمد أساسا على موقف فلسفي، يمكن المتعلم من القيام بالعديد من الأنشطة التعليمية، من خلال تأسيسها وبنائها، أو المشاركة فيها، فهو الذي يبني معارفه، وهو الذي يستكشفها، وهو الذي يستنتجها، بعد اعتماد التعلم المتأسس على الفهم،
تعريف النظرية البنائية:علوم التربية
تعرف النظرية البنائية في مجال التربية بأنها تتأسس على تفاعل المتعلم مع المحيط، الذي يمكنه من التكيف معه، بناء معارفه، وتوجيه سلوكه، وتعرف في الدليل البيداغوجي ، بأنها عملية تقوم على اعتبار ان المتعلم يبني المعرفة اعتمادا على ذاته، فهو يلاحظ، ينتقي ما يناسب، يصوغ فرضيات، يحلل معارف ومعلومات، ثم يتخذ قررات ملائمة، فهو الذي يقوم بتنظيم المعلومات، واستنتاجها، وإدماج تعلماته الجديدة في بنيته المعرفية الذهنية، إنه باختصار، محور العملية التعليمية التعلمية، و مؤسسها ومنتجها في آن واحد.
وهكذا تقوم عملية التعلم في الفلسفة البنائية على مبادئ سيكولوجية معرفية لتبسيط عملية التعلم على المتعلمين، وتمكينهم من فهم المعارف، والمساهمة في بنائها وتمثلها بشكل جيد مما يساهم في تحسين العملية التعليمية التعلمية، وترقية أساليب التدريس لتحيق جودة المعلمات.
ولا يجب الخلط بين النظرية البنائية والبنيوية، لأن البنيوية ترتكز على نسق من العلاقات الرابطة بين اللفظ والمعنى، وتعتمد مفاهيم محددة مثل النسق، والسياق الداخلي، وتركز في دراساتها على مفهوم البنية، والعلاقات الداخلية للغة والنص...، وهي في الاساس منهج يستخدم في عدة تخصصات لدراسة العلاقات الداخلية الكامنة، والمكونة للبنى، سواء لغوية أونصية...وهي تركز أساسا على النظر في البناء الداخلي لمختلف الاعمال الأدبية او الفنية، أما البنائية فهي نظرية سيكولوجية نفسية ترتبط بالبناء المعرفي للتعلمات، وتمكن من استيعاب المعارف، وبنائها، وتمثلها بشكل مناسب.
رواد النظرية البنائية: (علوم التربية)
من أبرز رواد النظرية البنائية (جان بياجي)، وهو واضح الحجر الأساس لها، ويؤكد دوما أن عملية التعلم تتاسس على إعادة بناء المعرفة، وقد ولد سنة 1896 بسويسرا، نشر كتابين عن اللغة والفكرعند الطفل، وكيفية تحقيق التفكير الاستدلالي، كما رصد فيهما كيفية تطور ونمو الفكر عند الأطفال. بل كرس جزءا كبيرا من بحوثه لدراسة النمو العقلي عند الأطفال مما ميزه في علم النفس الحديث، وعلم نفس النمو عموما.
كما يعتبر (جيروم برونر) رائدا ثانيا للنظرية البنائية، حيث ركز في دراسته للإنسان على التمثل، وتركيب المعرفة، وكيف يتمثل الإنسان المعرفة، وبمعنى آخر كيف يكتسب الأفراد المفاهيم العلمية، كما ركز في دراسته على الدافعية، والاستعداد، والذكاء، والتعلم الاستكشافي، بدل الحفظ.
وبرز (روبيرت جانييه) كرائد ثالث للنظرية البنائية، الذي اهتم بدوره بعملية التعلم، حيث ربط بينه وبين السلوك، عندما اعتبر أن التعلم يقاس بتغير السلوك، لذا ينبغي المقارنة بين السلوك قبل الموقف التعلمي، والسلوك بعده، واعتبر جانييه أن تطور الأطفال يرتكز على التعلم وتعرف قوانين جديدة معقدة، كما صنف مخرجات التعلم ضمن فئات، منها: المعلومات اللفظية، المهارات الذهنية، المهارات الحركية...
إلى جانب هؤلاء الرواد برز (ديفيد أوزيل)، الذي دافع عن فكر ة التعلم الشرحي ذي المعنى، والتتابع الدقيق للخبرات المعرفية، فكل وحدة معرفية ترتبط بالأخرى ارتباطا جدليا، كما أكد على أهمية المعرفة الراهنة لدى المتعلم التي ترتكز على الوضوح والتنظيم.
![]() |
النظرية البنائية |
مراحل النمو المعرفي حسب النظرية البنائية : (علوم التربية)
يمر النمو المعرفي حسب جون بياجي بأربعة مراحل أساسية حسب ما جاء في كتابه "الابستمولوجيا التكوينية":
المرحلة الأولى: تعرف بالمرحلة الحس حركية: وتمتد من ولادة الطفل إلى عمر السنتين، حيث يتعلم الطفل من خلا تفاعله مع البيئة المحيطة به معتمدا حواسه، بعيد عن اعتماد تفكيره أو عقله.
المرحلة الثانية: وتعرف بمرحلة ما قبل العمليات: حيث تبدأ هذه المرحلة من سنتين إلى سبع سنوات، ويشرع فيها الطفل في التعلم في التواصل مع بيئته لتعلم اللغة، ولا تكون ذاكرته قوية.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة العمليات المحسوسة: والتي تبدأ من سن السابعة إلى سن الحادية عشر، ويتمكن خلالها الطفل من استخدام العمليات العقلية، كالتمييز بين الأزمنة، وترتيب الأشياء، وإتقان المقارنة، لأنه يتعامل مع ما هو محسوس وغير مجرد.
المرحلة الرابعة: وهي مرحلة العمليات المجردة: وتتأسس عند الطفل من سن الثانية عشرة إلى سن البلوغ، حيث يصبح الطفل أكثر قدرة على الفهم والإدراك، واستيعاب المفاهيم المجردة، الصدق، الإخلاص، الوعي...، كما يصبح قادرا على التخيل، واعتماد التصور العقلي، كما يصبح ادرا على حل المشكلات ومواجهتها.
مفاهيم النظرية البنائية: (علوم التربية)
من أهم المفاهيم التي ترتكز عليها النظرية البنائية نجد:
أولا: التمثل: حيث يستقبل المتعلم المعلومات من بيئته، ويصنفها في خطاطات ذهنية مسبقة عنده.
ثانيا: الملاءمة: يشرع عقل المتعلم في تعديل الأبنية المعرفية المسبقة لتتلاءم مع المعارف الجديدة التي اكتسبها.
ثالثا: التكيف: وهنا يبدا المتعلم في الاندماج مع بيئته الخارجية.
رابعا: التوازن: يبدا المتعلم في تكييف مهاراته الذهنية مع مقتضيات بيئته الخارجية، وهنا يتحقق الانسجام بين الطفل وبيئته، أو ما يمكن تسميته بالتنظيم الذاتي.
خصائص التعلم في النظرية البنائية: (علوم التربية)
بناءا على ما سبق يعتبر التعلم في النظرية البنائية عملية حيوية وديناميكية، لأن التعلم ليس وصفة جاهزة، تقدم على طبق من ذهب، بل يتأتى نتيجة مجهود عقلي يبذله المتعلم للوصول إلى المعرفة، وهومن يساهم في اكتشافها بذاته، بعد أن يحاول حل المشكلات التي تواجهه، أثناء التفاعل مع المعلومات، أو البيئة المحيطة به، لهذ يتعتبر التعلم في النظرية البنائية عملية نشيطة.
كما يعتبر التعلم في هذه النظرية خاضعا لعملية بنائية، لأن عملية التعلم تتم من خلال تركيب معارف جديدة، وتنظيمها ضمن معارف سابقة، وذلك بغرض تحقيق الأهداف والمقاصد الذاتية، التي تشكل حافزا للتعلم. خاصة إذا توفرت الظروف المناسبة للتعلم، والتي تجعل المتعلم مندفعا بشكل ذاتي لاكتساب المعرفة، وعندما يواجه مشكلة فإنه يسعى جاهدا لحلها، من خلال التفاعل الحاصل بين معارفه القبلية ومعارفه الجديدة ، وهنا يتحقق التعلم الحقيقي، الذي يعد عد عملية متجددة،وليست نتيجة جاهزة.
وتتلخص مبادئ التعلم في النظرية البنائية حسب الأستاذ محمد محمود الخوالدة (فلسفات التربية، 2013، ص216) فيما يلي:
تعليقات
إرسال تعليق